من منا لا يجلس أمام الحاسب ساعات يقلب فيها صفحات العالم عبر عينيه، فهما الوسيلة التي تربطك به، شئت أم أبيت. ولكن ماذا إذا تعرضت هذان العينان إلى إجهاد شديد نتيجةً لعملك الذي لا ينتهي أمام شاشة الحاسب؟
تبقى الكثير من الدلائل المتعلقة بالحاسوب والصحة موضع جدل، كما أن هناك جوانب معينة كثيرة تتعلق بالإشعاعات الصادرة عن الحاسوب، كتأثيره على صحة النساء الحوامل، أو على صحة العين على سبيل المثال.
وقد تقع معظم الأخطار الصحية الناجمة عن الحاسوب ضمن فئتين اثنين:
الأولى: التأثيرات المادية الناجمة عن المعدات البيئية.
الثانية: التأثيرات النفسية الناتجة عن القيام بعمل تسيطر عليه الآلة بمهمات أكثر رتابة، تصحبها حركة وتفاعل أقل مما تنجزه خلال أعمالك اليومية.
إذن، على مستخدمي الحاسوب أن يدركوا جيدًا كل الأخطار التي قد تواجههم، وربما يكون "إيذاء العين" هو الخطر الأكثر انتشارًا بالنسبة للعمل على الحاسوب، إذ إن كثيرًا ما يعتقد مستخدمي الحواسيب أن عملهم سيؤدي بدرجة ما إلى إتلاف العين، وهذه في العادة أولى المشكلات في الظهور.
وتشمل أعراض مشكلات العين المتعلقة بالحاسوب الآتي:
أولًا: إجهاد العين وعدم الراحة.
ثانيًا: حرقة في العين واحمرار وسيلان الدموع منها.
ثالثًا: ازدواج الرؤية.
رابعًا: شعور بثقل في العينين.
خامسًا: صداع وآلام في الرأس.
وتشير غالبية المسوح التي أجريت إلى أن مشكلات العين الأكثر شيوعًا تقع عند مستخدمي الحاسوب، منها عند ممارسة وظائف أو أعمال مهنية أخرى، فيما تقول دراسات أخرى: إن إجهاد العين لدى النساء أكثر مقارنة منه لدى الرجال.
يذكر أن دراسات عديدة بذلت في محاولة لإثبات أن العمل الحاسوبي "لا يتلف رؤية العين"، وتحمس لذلك موظفون لدحض هذه الفكرة، ولكن الواضح من تجربة مستخدمي الحاسوب أنهم كثيرًا ما يعانون من عدم الراحة البصرية، إضافةً إلى مشكلات في الرؤية، إذ حذر باحثون من جامعة أوهايو, مستعملي الكمبيوتر من عدم التحديق المباشر لوقت طويل في شاشة الحاسوب, حيث يمكن أن يصاب الشخص بحالة مؤلمة من جفاف العيون.
ووجدت الدراسة التي شملت 10 طلاب بأن التحديق في شاشة الكمبيوتر خفضت نسبة طرف العين إلى النصف من 15 طرفة عين في الدقيقة إلى7.5 وكان الطلاب الأكثر تحديقا أقل الطلاب الذين طرفت عيونهم, وكذلك الذين أصيبوا بألم أو حرقة, والأكثر الذين أصيبوا بجفاف العين, (عندما تهيج العين فإن الغدة الدمعية تفرز كمية كبيرة من الدموع غالبا ما تكون أكبر من قدرة العين على تصريف هذه الكمية الزائدة فتفيض خارج العين).
- مسح المشهد:
يبدو أنه ليس في اللغة العربية كلمة واحدة تعبر عن حركة العين في كافة الاتجاهات أثناء تغيير مرمى الرؤية، ولكن هذه الحركات تسمى بالانكليزية saccades، وإذ تحتاج قراءة شاشة الحاسوب إلى أربعة حركات للعين من هذا النوع في الثانية الواحدة، تتأثر قدرة العين على القيام بهذه الحركات نتيجةً لضعف الإنارة وسوء تصميم أشكال الحروف.
- طرف العين:
إن الطرف (إغلاق الجفنين وفتحهما برهة بعد برهة)، يُبقى سطح العين نظيفًا ومحميًا؛ فالدموع تحتوي على مادة مزلجة (تساعد على الإنزلاق)، إضافة إلى مادة مطهرة، وتبين الدراسات أن العاملين على الحاسوب يطرفون أقل من الذين يعملون في ظروف عادية، وهذا يمكن أن يقلل من إزالة الملوثات في العين، مما يزيد من خطر تهيجها وإصابتها بالرمد (التهاب الملتحمة أو بطانة الجفن).
- حجم الحدقة (البؤبؤ):
يؤدي العمل في شروط الإنارة الساطعة، كمكتب مضاء بالنيون (الفلورسنت) إلى الإبهار بشكل ينعكس على شاشة الحاسوب، وهو ما يؤدي إلى تقليص الحدقتين (البؤبؤين)، ويؤثر على كمية الضوء التي يسمح لها بدخول العين، ويمكن للحدقيتين الصغيرتين أو المتقلصتين أن تزيدا من صعوبة قراءة المعلومات على شاشة الحاسوب.
وتؤدي الأضواء المرتعشة إلى توسع الحدقتين وتقلصهما، فإذا كان الارتعاش سريعًا لن تستجيب العين، أما تغيير مستويات الضوء أقل من 60 مرة في الثانية فإنه يطلق استجابة العين، والأرجح أن شاشات الحواسيب القديمة ترتعش، فإذا كان ارتعاشها بطيئًا إلى درجة تستدعي استجابة من العينين، فإن النتيجة قد تكون كارثية على العين.
الشيء الوحيد الذي يمكن أن يفيد هو أن يتذكر الإنسان باستمرار أن عليه أن يرمش أو يغلق عينيه، وأن يأخذ قسطًا من الراحة كل نصف ساعة، فعلى سبيل المثال يصدر الكمبيوتر ألوانًا وأضواء مختلفة، منها ما هو معتم ومنها ما هو ساطع، ولذلك نرى أن بؤبؤ العين في حركة مستمرة يتضيق تارة عند الإضاءة القوية، ويتسع أخرى عند الإضاءة الضعيفة وهذا ما يسبب إرهاقا للعينين بعد فترة من استخدام الكمبيوتر.
- السد (كتاراكتا):
توصل بعض الباحثين إلى الاستنتاج بأن السد (فقدان شفافية العدسة الذي يسبب رؤية معتمة)، قد ينجم عن إشعاع الموجات الصادرة عن الحواسيب، إلا أنه ليس هناك ما يدل على أن الحاسوب مصدر إصابة خطير بالسد.
الكاتب: محمد عبد الله الحسن
المصدر: موقع لها أون لاين